مقالات ورأي

المنظومة التعليمية فى مصر.. بوادر نجاح تلوح فى الأفق

التعليم من أهم ركائز بناء المجتمع وتقدمه وتطوره، فهو الأساس وحجر الزاوية الذى يُبنى عليه تطور الأمم وازدهارها، والجسر الذى يعبر عليه الإنسان نحو الوعى والمعرفة والإدراك وإتقان المهارات اللازمة نحو مجتمع متطور.

وطوال عقود سابقة، كان هناك تخبط كبير فى المنظومة التعليمية، والتى شهدت عدة تجارب لم يكتب لها النجاح بشكل واضح، وعانت الأسر المصرية كثيرا من هذا التخبط وعدم انتظام العملية التعليمية.
ومع تولى السيد محمد عبد اللطيف، مقاليد الوزارة، كان واضحا أن الرجل لديه تكليفات واضحة من الرئيس السيسى بضرورة التطوير الملموس لملف التعليم، ومنذ توليه مهام منصبه كانت تصريحاته وتأكيداته تصب فى أن لديه رؤية شاملة لتطوير التعليم فى مصر، ترتكز على عدة محاور استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة التعليم ومخرجاته، وتقليل الفجوة بين النظام التعليمى ومتطلبات سوق العمل، وإعداد أجيال قادرة على المنافسة عالمياً.

فبدأ الوزير يفتح ملفات التعليم الشائكة، وبدا واضحا أنه يرفض اللجوء إلى المسكنات، بل أصر على وضع حلول جذرية للترهلات والفوضى التى كانت تؤثر على سير العملية التعليمية، ولم يكتف بتلقى التقارير المكتبية، بل انطلق فى رحلات مكوكية لزيارة المدارس فى عدد من المحافظات، التقى خلالها بالمعلمين والطلبة وأولياء الأمور، ووضع يده على كثير من المعوقات التى تقف حجرا عثرة فى سبيل تطوير المنظومة التعليمية.

وسعى وزير التربية والتعليم، لوضع المنظومة التعليمية كاملة على المسار الصحيح لمواكبة متطلبات العصر الحديث. حيث استطاع فى فترة وجيزة أن يُحدث حراكًا حقيقيًا داخل العملية التعليمية، لتظهر بشائر الإصلاح واضحة فى أكثر من ملف كان عصيا على الإصلاح، أبرزها فى رأيى تقليل كثافة الفصول الدراسية، حيث كانت تلك المشكلة من أبرز التحديات التى تواجه التعليم فى مصر وتم حلها بخطة طموحة شملت بناء وتشغيل آلاف الفصول الجديدة فى مختلف المحافظات، وتوزيع الكثافات الطلابية بشكل أكثر توازناً، حيث لا يزيد أى فصل عن 50 طالبا، وهو ما خلق مناخا أكثر مناسبة وملائمة للتعلم، وأتاح فرصة أكبر للتفاعل بين الطالب والمعلم، ورفع من جودة العملية التعليمية.

كما رأينا، أولى الوزير اهتماما كبيرا بالمعلم وتطوير أدائه إيمانا بأن رفع كفاءة المعلمين وتحسين أوضاعهم سيعود بالنفع الكبير على المنظومة كاملة، نظرا للدور الكبير للمعلمين فى توصيل الرسالة التعليمية على أكمل وجه، حيث خضع المعلمون لبرامج تدريبية مكثفة لرفع كفاءتهم، كما تم وضع نظام تقييم أداء للمعلمين يعتمد على معايير موضوعية، وكلها أمور يجب أن تصب فى صالح المنظومة كافة.

وللحق، فقد استطاع السيد محمد عبد اللطيف، أن يتغلب على عزوف الطلاب عن الذهاب للمدرسة، ونسب الغياب الكبيرة ، فشهدنا عودة الطلاب للمدارس بعد خطوات تحسين جودة العملية التعليمية وجعلها أكثر جاذبية للطلاب، وتطوير الأنشطة المدرسية لتصبح متنوعة ومحفزة للطلاب، كما فتح الوزير جسرا للتواصل مع أولياء الأمور وتوعيتهم بأهمية الانتظام الدراسي، فضلا عن التشديد فى تطبيق البنود العقابية لمن يتخلف عن الذهاب إلى المدرسة بالنسبة المقدرة.

كما جاءت تعديلات قانون التعليم التى صدرت أخيرا لتزيد من التأكيد على أن الوزارة جادة جدا فى تطوير المنظومة التعليمية، وسد الثغرات والسلبيات، وأثلج صدورنا قرار اعتبار أن اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطنى مواد أساسية فى جميع مراحل التعليم، وخاصة أن مادة التربية الدينية مادة أساسية تدرس بكل الصفوف الدراسية فى جميع المراحل التعليمية وفقا للمحتوى والدرجات المقررة لها بالقرارات الوزارية الخاصة بكل مرحلة، على أن يكون اون على أنيشترط لنجاح فيها بالحصول على نسبة 70%؜ على الأقل من الدرجة المخصصة لها، لأن تربية النشء والطالب دينيا لا تقل أهمية عن تربيته علميا ومعرفيا.

أما نظام البكالوريا الذى طرحه الوزير محمد عبد اللطيف، فيعتبر أبرز ملامح التطوير الذى يتبناه الوزير، فى المنظومة التعليمية، حيث يسعى إلى تطبيق البكالوريا الذى يؤكد أنها تساعد على تخفيف الأعباء عن الأسرة المصرية، وكذلك قياس مهارات التفكير العليا لدى الطلاب بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين، وربط التعليم باحتياجات سوق العمل والمهارات المستقبلية، ويرى الوزير أن النظام الجديد يجعل مستقبل الطالب بيديه، حيث يتيح له فرص التحسين أكثر من مرة لتحقيق حلمه بالالتحاق بالكلية التى يرغب بها. ومع بدء تطبيق النظام بداية هذا العام الدراسى الجميع يحدوه الأمل فى أن يكون بمثابة انتهاء لكابوس الثانوية العامة.

هى بالفعل خطوات واسعة وعظيمة فى سبيل الوصول إلى تطوير كامل للمنظومة التعليمية، ولا يسعنا إلا الإشادة بالجهد المبذول، فنحن نتطلع دائما ونتمنى باستمرار أن يكون النجاح رفيقا لكل مسؤول، لأن نجاحه يصب فى صالح المواطن والوطن.

ما تحقق فى المنظومة التعليمية نجاحات وقفزات ملموسة للأمام، تأتى فى إطار تصحيح المسار التعليمى، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق التطور المنشود للمنظومة التعليمية كافة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى